جميع المباريات

إعلان

#رجل_مش_مستحيل.. مانويل جوزيه.. صور خلابة المنظر وارتعاش الجسد

قصة

صورة تعبيرية

المكان .. قرية كاسكايس في البرتغال حيث المناظر الطبيعية الخلابة ، هي واحدة من اهدى القرى في البرتغال وتشتهر بأنها مكان تجمع الفنانين بسبب مناظرها الرائعة ويقصدها الجميع لشمسها الدافئة.
 
هناك على أحد هذه الشواطئ ووسط الأشجار يجلس الرجل الذي بدأ اول خطوة في العقد السابع من عمره ، مستلقيا على ظهره ويخفي وجهه بقبعة انيقة تخفف من أشعة الشمس وتجعله يبحر في بحار سنواته الماضية والتي لم يعرف فيها للراحة طعم.
 
الزوجة .. تراقب من بعيد رفيق دربها والذي لم تفرقهما خطوب الدهر وأزماته فتقسما الحلوة والمرة الأفراح والأتراح النجاح والفشل حتى بلغا من العمر السبعين  وقررا الخلود لبعض الراحة حتى اشعار اخر.
 
هو يعرف أن الزوجة تراقبه وتترقبه وعلى الرغم من قصة الحب الكبيرة بينهما منذ أن كان لاعبا صغيرا إلا أن امواج الماضي تجذبه بقوة وهو لا يقدر على المقاومة ، ليس لأنه ضعيف ، لا فهو الرجل الذي عرف عنه الجدية ، تلك التي تملكت منه حتى ظهرت على ملامحه التي صارت جامدة لا تعرف الليونة ، هو لا يقدر على مقاومة الموجات لانه وببساطة يريد أن ينجرف معها ويعود للوراء وهو مستلقي على ظهره وتحت قبعته.
 
ينظر الروزنامة ليجد أن اليوم هو 9 إبريل ، 9 إبريل ؟ أنه يوم ميلادي ، انا الآن في الـ 69 وعلى باب السبعين عاما ، آه العمر مر كانه لحظة ، الرجل يحدث نفسه ولا يريد ان يسمعه أحد.
 
يعود من جديد للمكان الذي يجلس فيه ، زوجته تحاول انتزاع الكلمات منه وهو مصر على الصمت ، هو صمت ظاهري لكنه في داخله معارك من الحوارات والذكريات المرة والجيدة ويتخلل ذلك شخصيات محبوبة واخرى عليها غبرة.
 
المكان .. نادي بنفيكا وبالتحديد ملاعب الناشئين
 
أحد المدربين في النادي : ما اسمك يا فتي ؟
 
الفتى : مانويل جوزيه دي جيسوس سيلفا
 
المدرب : وكم عمرك ؟
 
الفتى : 16 عاما
 
المدرب : أنت موهبة جيدة ، اهلا بك في صفوف ناشئين بنفيكا.
 
الفتي يطير إلى منزله ويخبر والدته بأنه بات لاعبا كرة قدم في نادي بنفيكا ويوما ما سيلعب في الفريق الأول ، يبتسم من تحت قبعته عندما يتذكر اول مباراة له مع بنفيكا وكيف حقق أول خطوة على طريق حلمه كلاعب كرة قدم.
 
هذه الابتسامة سرعان ما تتحول من تحت القبعة إلى وجوم عندما يتذكر المأساة التي عاشتها أسرته والويلات التي راها بأم عينه عندما حكم الديكتاتور أنطونيو دي أوليفيرا سالازار البلاد ، العجوز يحدث نفسه قائلا " هذا الديكتاتور ترك لدي ذكريات لا يمكن ان انساها ما حييت لا انسى انه كان السبب في سجن والدي بعد اتهامه بالشيوعيه ، امي كانت تحكي لي أنها اضطرت للخروج للعمل حيث كنا صغيرين انا واخي ، آه كم قاسية هي الحياة".
 
قشعريرة تنتاب الرجل عندما يتذكر العام 1977 وبالتحديد عندما حصل على عرض للانتقال إلى نادي سبورتنج دي اسبينو لكن هذا العرض لم يكن فقط ليكون لاعبا بل ليكون مدربا أيضا ، يردد بين نفسه " آن لمشواري كلاعب ان ينتهي بعد مسيرة 14 عاما كم انا متحمس لخوض غمار تجربة المدرب ، لا ادري ماذا ينتظرني في هذا العالم"
 
غفوة سريعة تأخذ الرجل الذي يطرق أبواب السبعين ، النوم رحمة من الله يجعلنا ننسى احداث لا نريد التفكير فيها وفيه الأحلام التي تذكرنا احيانا بأيام نشتاق للعودة إليها ، لكنه سريعا ما يستيقظ على الرغم من هدوء المكان إلا ان ما ايقظه كان ما حدث في عام 2001 عندما حصل على عرض لتدريب الأهلي المصري.
 
يرتشف بعضا من القهوة التي يعشقها ويسترجع ما قاله لنفسه :" القاهرة ؟ مصر؟ اين تقع هذه البلاد ؟ وكيف يكون هذا الأهلي ؟ انا دربت هنا فرقا كبيرة وصغيرة ثم الآن أحصل على عرض لتدريب فريق في افريقيا ؟ افريقيا التي ذهب إليها أجدادي غزاة هل أعود إليها مدربا ؟ الأمر يحتاج لتفكير عميق الامر ليس سهلا".
 
يضطر إلى القيام من المكان الذي يستلقي فيه ويقرر السير على قدمه ، ثم يسمع نداء زوجته تساله هل تصحبه في جولته ، لكن يرسل إليها اشارة أنه لم يكتف بعد من الجلوس مع نفسه.
 
" ساقبل عرض الأهلي على العموم العقد لمدة موسمين سأسافر ونرى ماذا سيحدث هناك".
 
الصحف المصرية بالإجماع تتحدث عن فوز الاهلي على ريال مدريد المدجج بالنجوم
 
الرجل العجوز يعود بالذاكرة للوراء للجماهير وهي تتغنى باسمه ، الهتافات تزيد والحب يزيد بعد الفوز ببطولة دوري أبطال افريقيا ، خاصة وأن الفريق لم يفز بها منذ 14 عاما ، لقد عشق الرجل البرتغالي جماهير النادي الأهلي وهي ايضا ، لكن منذ متى وهناك نهايات سعيدة لحكايات واقعية على كوكبنا الأرضي ، النهايات السعيدة فقط نقرأ عنها في الكتب والأساطير التي كان يرويها الأباء للأبناء كي يناموا هانئين.
 
العلاقة تتوتر بين الرجل البرتغالي وأحد مسئولي النادي الأهلي وهو علاء عبد الصادق يقرر بعدها المدرب الرحيل عن القارة الافريقية ، يقرر الرحيل وهو في قمة الغضب ، وعلى الرغم من الغضب الكبير إلا أنه قال لنفسه :" في النهاية لست حزينا ، لقد رحلت مرفوع الرأس وسأنام في بيتي مرتاح البال ، لقد فزت بدوري أبطال افريقيا وسيكون شيئا جيدا في مسيرتي".
 
المكان .. البرتغال
 
عاد الرجل إلى بلاده وعاد لعائلته التي افتقدها كثيرا ، وارتاح بعد عناء العمل في البطولة الافريقية وفي الدوري ، بعد الراحة الجسدية وجد قلبه غير مرتاح ، قلبه يقفز من بين ضلوعه ويخبره " هل انت مرتاح بعد الرحيل عن الأهلي ؟ هل ستجد نفسك في مكان أخر ؟ ألا تشتاق للعود للأهلي والجماهير واللاعبين ؟ يرد على قلبه نعم مشتاق لكن الأمور لم تسر على خير ما يرام ، أرجوك لا أريد المزيد من الصراعات الداخلية ، يكفي اتصالات الجماهير واللاعبين الذين يطالبون بعودتي ، لا املك أن اقدم لهم شيء ، الأمور وصلت مع هذا الرجل هناك إلى طريق مسدود ، لدي عرضا من نادي بيلينينسش سأحاول انا اتعافى من الأهلي من خلال الدوري المحلي هنا".
 
إدارة الأهلي تريد استعادة مدربها السابق لبناء فريق جديد
 
الهاتف يرن ، الرقم الظاهر مصري ، يحدث نفسه " ماذا يدور ؟ هل الجماهير تتصل بي من جديد ؟ هلي اللاعبين مازالو  يتذكروني ؟ هل أرد ؟ لا لن أرد .. لا استطيع .. آلو من المتحدث ؟ الطرف الأخر : نريد عودتك من جديد لقيادة الأهلي ..
 
أسابيع قليلة تمر والرجل يضع قدمه من جديد على الأرض المصرية.
 
" آه كم انا مرتاح لعودتي إلى هنا ، لا أدري ماذا حدث لي في هذه البلاد ، لدي شعور رهيب بالراحة هنا ، الجماهير استقبلتني بحفاوة والجميع مرتاح لوجودي ، وانا أيضا أشعر براحة نفسية كبيرة وسلام نفسي لم أشعر به من قبل ، لقد عدت من جديد لقاهرتي ، كم أحب هذه البلاد".
 
الرجل ينظر حوله ليجد أن قدمه اخذته إلى مكان بعيد جدا عن الفندق الذي يقيم فيه هو وزوجته التي لا شك أن القلق سيقتلها حاليا ، كما انها ستصب جام غضبها عليه ، يهم راجعا إلى مقر اقامته وأثناء العودة الذكريات مازالت حاضرة ، ذكريات الفوز ببطولات الدوري والبطولات الافريقية وحب الجماهير له ، يعود من جديد إلى مكانه الأول حيث يستلقي ويعيد قبعته على وجهه ويتذكر ما دار في هذا الصباح الشتوي عندما قرر عصام الحضري فسخ عقده من طرف واحد والرحيل للدوري السويسري.
 
"لا أحمل أي مشاعر سيئة ضد الحضري ، اتذكر عندما قلت أن الذي يبحث عن المال مستعد لبيع أهله لم أكن أقصد الحضري بعينه بل انه كان مثلا يقال في البرتغال ، علاقتي بهذا الحارس كانت جيدة طوال فترة تدريبي له ، لقد كنت غاضبا من الطريقة التي رحل بها عن النادي ، لم يحترم النادي ولا الجمهور ، لم يحترم أي احد ، لو كان جلس معي وطلب الرحيل لكنت ساعدته ليخرج من الباب الكبير لكن فضل الخروج من الباب الضيق".
 
الأحداث والذكريات تتوالي والرجل يستعيد تجربته مع المنتخب الأنجولي وقيادته في امم افريقيا ، هو لا يريد أن يقف عند هذه النقطة كثيرا ، وكذا الحال مع اتحاد جدة السعودي ، هو فقط يتذكر أن تجربته مع انجولا واتحاد جدة لم تشبه تجاربه مع الأهلي ، ويتذكر محمد نور ذلك اللاعب الذي كان سبب في رحيله عن النادي.
 
إدارة النادي الأهلي تتفاوض مع الرجل من أجل العودة من جديد لقيادة الأهلي للمرة الثالثة بعد رحيل حسام البدري ، والرجل يوافق على العودة من جديد لقيادة النادي الذي طالما أحبه والجماهير التي طالما عشقها وعشقته.
 
لم يكن يعرف أن الولاية الثالثة ستحمل له الكثير من الألم التي لن ينساها طوال حياته ، هو فكر فقط في العودة لمن أحب ، البلاد والجماهير واللاعبين الذين طالما احبهم واحبوه.
 
العرق بدأ يتصبب من الرجل وبدأ الجسد النحيل في الارتعاش حتى أن المحيطين بدأوا يلاحظوا ذلك ، يبدو ان تذكر شيئا سيئا يبدوا وكأنه في كابوس يريد أن يهرب منه لكن هذه الذكريات تأبي ذلك ، أنه هو من فتح الباب للذكريات وعليه أن يتحمل حتى النهاية.
 
الرجل تحت قبعته بدأ يستعيد ذكريات هذا اليوم الشتوي في أول فبراير ، والرحلة إلى بورسعيد " لدينا مباراة قوية وهامة أمام المصري ، المباراة في غاية الأهمية ، لكني أشعر بأن قلبي ينذر بسوء ، اللاعبون مستعدون وانا أيضا ،اثق في قدرتهم على الفوز والعودة للقاهرة منتصرين ، لكني غير مرتاح".
 
عبد الله سيسيه يسجل الهدف الثالث والمأساة تبدأ
 
" لا يمكن أن انسى ما حدث هناك ، ولا اعرف حتى الآن لماذا مات هؤلاء الجماهير ؟ لقد كانوا يحبون النادي الأهلي ويحبون الكرة ، لا يمكن أن انسى هذا اليوم عندما اقتحمت الجماهير الملعب ، الجميع فر إلى غرفة خلع الملابس لكني لم اخرج من الملعب ، الوضع كان خارج السيطرة لكني وجدت ناس تؤمن وجودي ، سأظل ادين بحياتي لهم".
 
الأمور لم تعد كما كانت من قبل ، والرجل العجوز يقرر الرحيل عن مصر التي لم تعد البلاد التي يعرفها ، رحيل الرجل لم يكن نابعا من أعماق اعماقه بل جاء بسبب ضغوط لا تحتمل من العائلة وبصفة خاصة الزوجة التي تخاف على رفيق دربها من البلد الذي انقلب رأسا على عقب.
 
"لدي عرضا من نادي في إيران ، لا أدري ماذا أفعل ، هل اقبل العرض ؟ ولما لا لعلي اغسل احزاني هناك".
 
شهور قليلة ويرحل المدرب عن الدوري الايراني
 
يعود الرجل إلى البرتغال من جديد ، نداء الجسد أقوي ، بات يحتاج المزيد من الراحة ، العائلة من حوله بعد فارق دام لأعوام.
 
الزوجة تضطر للتدخل لقد تركته منفردا ما يقرب من 3 ساعات ، تتحدث بغضب : مانويل يكفي الجلوس منفردا ، هاتفك لم يتوقف عن الرنين وبريدك الالكتروني  ورسائل على الهاتف معظمها من مصر الجميع يهنئك بعيد ميلادك ، هل تحبك الجماهير هناك إلى هذه الدرجة ؟
 
مانويل جوزيه يرد : لقد عشت أفضل أيام حياتي هناك ، انا مصري أكثر من بعض المصريين ، أنا اهلاوي.

طالع ايضا .. #رجل_مش_مستحيل.. ناني.. دفء الصفيح ورهبة أفلام الرعب

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

الإحصائيات

جميع الإحصائيات
  • المباريات
    0
  • 0
  • الهداف
    0

  • صانع الأهداف
    0

إعلان

أخبار تهمك

التعليقات

تطبيق يلا كورة

تابع الأحــداث الرياضيــة و حــمــل التطبـيق الآن